الخميس، 3 فبراير 2011

متى تتحرك جماعة أبو فيصل؟


لنبدأ من أبو فيصل : السيد أبو فيصل هذا ليس بزعيم تيار سياسي ,أو قائد لتنظيم إرهابي كم أنه لم يكن شخصية أسطورية تضخمت بتعدد الروايات. أبو فيصل شخصية حقيقة جديرة بالاحترام عايشتها, وجلست معها نتبادل أطراف الحديث ونرتشف الشاي, وفي بعض الأحيان القهوة العربية.
 رجل في عقده الخامس, ضخم البنيان يحمل مسبحة في إحدى يديه, وفي الأخرى عصا لتساعده على المشي وله فيها مأرب أخرى, الصفة الأجمل في بطلناً هذا هي ابتسامته التي لا تفارق محياه, وأكاد اجزم بأنه ينام مبتسماً ويصحوا كذلك, سر سروره الدائم أنه رجل قد أنعم الله تعالى عليه أن رفع عنه التكليف, ليدرك مالا يدركه الذين يعتقدون, أن المولى عز ذكره قد حباهم برجاحة عقل مكنتهم, من فهم دقائق الأمور وإنزالها على ميزان الفرز الدقيق, واستنتاج الطرق الناجعة, لرسم خريطة طريق تمكن كل واحد منهم التعامل مع أبو فيصله.
 تشابه الحالة وتوافق التشخيص وتلاقي الموقف, هو ما دعاني أن أعيد التسجيل في ذاكرتي لعشرة سنين خلت حيث الموقف الخالد لأب فيصل ونحن نسأله:
 أبو فيصل ايمتى تجوز؟
 يجيب بلهجة الواثق من صحة موقفه وصدق عفويته:  أخي تجوز.
 جواب أبو فيصل هذه يعتقد أصحاب التفكير الرزين والقرارات الشجاعة والخطط الخماسية التي متخرش آلميه, أن فيه تتطابقاً وحالة الشعب المخدر في ارض الشام. حين ترى جموع الشعب التونسي وهي تتحرك حركة منسجمة ومتوافقة ومنضبطة,  لتعطي العالم درس قله نظيره, أن إرادة الشعوب الحرة وحدها تحدد وجهة سيرها, وإدراكها مكامن الوجع في جسدها, قد مكانها من معرفة العلاج الناجع, والوصفة السحرية  التي بها تسترد عافية الكرامة, دونما تعويل على  دعم خارجي مشروط يعيد البلاد إلى حالة الارتهان إلى القوى الخارجية التي تصادر الإرادة الحرة للقرار الوطني, وتجعل من البلد ملحقاً لإحدى وزارت الخارجية في الدول الداعمة, وبذلك يكون التغيير على مستوى الصورة دون المضمون. كمن يأتي إلى بيت متهالك الأساس والسقف فيقوم بترميم جدرانه وعم ديكورات حديثه لحيطانه وتجديد الإضاءة, ليترك سكانه عرضة لسقوط مفاجئ ينزل على أم رؤؤسهم أو, مطر دائم يجعلهم كمن يبيت تحت مزراب. والأهم من ذلك أنهم لم ينتظر المدد من الحركات والأحزاب المسيسة, وأن كانوا لا يقبحون ذلك كونها نسيج من هذا الجسد لكنها اضعف من تقوم بمهمات المرحلة الثقيلة, حيث أن أصحاب الافكار الخلاقة والخطط الخمسية الخلابة, قد عرقلوا تدفق الدماء في عروق جسمها السياسي لتغدو هزيلة ضعيف النشاط.
 ومن تونس كانت البداية لتلحق بها هبة شعب  السبعة آلاف سنه حضارة خير أجناد الأرض المصريين, الذين لايزالون يشقون طريق العزة والكريمة  حتى إزاحة فرعون العصر الحديث  ذاك الذي حاول تقزيم مصر وإلغاء دورها المحوري وكسر أهم دعامة كانت تستند عليها الشعوب العربية في صراعها الأزلي مع الورم السرطاني الذي يمتد ناشراً الموت والدمار في الجسم العربي.
لكن عسر الفهم الذين يعاني منه جميع الطغاة والمستبدين والإيمان المطلق بالحل والأمنية والقبضة الحديدة للتعامل مع أي تيار يحاول الخروج بالبلد المختنق من تلوث القبضة الأمنية والفكر الواحد والحزب القائد للدولة والمجتمع, وهم يحولون مخالف سنه الله تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين. (هود:118 وهم بذلك يتبعون سنة فرعون ونهجه   ( مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) غافر:29.
لكن اليقين الأبدي أنك لن تجد لسنة الله تبديلا, وسيكون المصير المحتوم هو الطريق الذي تختاره هذه الشعب الناضجة الحية في ارض الشام, فجراحات الماضي من تدمر إلى حماة وصولا إلى القامشلي, والأخطاء التي ارتكبتها بعض النخب في إدارة الصراع الذي فرض عليها قسرا من سلطة القهر التي كانت عادلة في توزيع الظلم على جميع أطياف المجتمع. جعل من كل الشباب  نخباً واعية لمتطلبات المرحلة وقادرة على وضع خطة إنقاذ للبلد, سلمية وحضارية لاتحمل سوى الوقفة الواعية والكلمة الصادقة والرؤية الواضحة.
 والتغيير قادم قادم لامحالة, والذين سيتأخرون عن هذا الركب المبارك والنهار الذي بدأت خيوط فجره تشع لن يكونوا أعلى وأوسط الصفحة. ولو توقع النظام أننا من جماعة الرجل الدرويش البسيط أبو فيصل, سنكون من جماعته بطرح مبتسم متفائل بمستقبل مشرق لنا ولأطفالنا .. والله المستعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق